لعل دارسي الأدب الشعبي وتاريخه الحديث يجمعون ـ كما أرى ـ على ان الطيب ود ضحوية وطه الضرير هما أكثر زعماء الهمباتة شهرة وصيتا، وانهما الأكثر إجادة لشعر الدوبيت المتعلق بأدب الهمبتة، فقد ملكا نواصي كلمه، وشوارد قوافيه، ورفداه بالمعاني المبتكرة، والمفردات الفخيمة، وبالرنين العالي، والارتعاشات الموسيقية الراقصة، لما إمتازا به من موهبة شديدة الكثافة متناهية العذوبة، ولقد إمتاز الطيب بالإكثار الشعري الذي خلا من الغث، ويكاد شعره وحده أن يقدم لنا صورة متكاملة لحياة الهمباتة في كافة نواحيها وفي كل مجالاتها، فمن هو هذا الرجل؟ إنه الطيب عبدالقادر سليمان الذي غلب عليه لقب (ود ضحوية) و(ضحوية) هي جدته وتنتمي الي بيت يقرب للسروراب بكبوشية، وقد أطلق اسم الضحواب على هذا الفخذ من تلك القبيلة نسبة لجدته، وقد اتصفوا بشراستهم في القتال فلقبوا بوجوه الدم، قال مرة يخاطب جملة (العاليابي):
يا العَليابي أَختر ما عليك بالهم (1)
واطري المدة عن ستك واخرت الزم (2)
عند الحارة فوق رسنك بموت حرم
اخلو الديرة اسيادك وجوه الدم
ولد الطيب بقرية تسمى الضيقة، وهي احدى قرى الجعليين المنتشرة على الضفة الشرقية لنهر النيل، وتقع بين منطقة العلياب وجبل ام علي، والراجح ان حياته امتدت لنحو من سبع وخمسين عاماً في الفترة ما بين عامي 1886 و1943م وهما تاريخي ولادته ووفاته. والطيب ينتمي الى قبيلة الجعليين، فوالده ينتسب الى المسانداب ووالدته الى السروراب، وهما فرعان من فروع قبيلة الجعليين. ارسله والده في صغره الى اخواله السروراب ليلتحق بالخلوة، حيث حفظ فيها ما تيسّر له من القرآن الكريم، ونهل ما نهل من علوم الفقه والحديث.
وعندما بلغ التاسعة عشر من عمره اقترن بابنة خاله الفكي سرور.
منذ فجر صباه بدت عليه مخائل العلم والفقه والأدب، وكان والده يعده للدراسة في الأزهر الشريف أملاً في أن يعود ابنه بعد حين عالماً ازهريا، غير ان هذا الامل خاب وزرته الرياح، فالطيب الذي كان مستعداً نفسياً وفكرياً للسفر الى مصر والالتحاق بالأزهر غيّرت مجرى حياته حادثة مقتل شقيقه الاكبر الكرار، الذي كان مرتبطاً به ارتباطاً وجدانياً، فقد كان يحبه لكرمه وشجاعته، وقد عُرف عن الكرار انه فارسٌ مغوار ومن أساطين الهمباتة، أغار ذات مرة على قبيلة الهواوير ونهب منها إبلا كانت من بينها ناقة تمتلكها شاعرتهم (ريا) ففزعوا (3) خلفه بقيادة فارسهم علي، وعندما ادركوه قتلوه ومثلوا بجثته واحرقوها بحطب شجر الهشاب، واستعادوا إبلهم وناقة شاعرتهم ريا، ولما بلغ هذا الخبر الطيب اضمر في نفسه الثأر، وقال لقومه الضحواب انه سيثأر لمقتل شقيقه بقتل قاتله (علي) غير أن ريا قالت متهكمة:
يا الضحواب جميع مفقودكم الكرار
وضلوعوا بطقطقن تحت الهشاب والنار
وينو الطيب القايل بجيب التار
يسلم لي علي العوزكم الدوار (4)
ضاعف ما قالته (ريا) من احزان واوجاع الضحواب، واخذت شقيقة الطيب ورفيقاتها ينتحبن ويذرفعن الدمع السخين، فنظر الطيب الى اخيه الصادق الذي كان مطرقاً وحزيناً، ثم اشاح بوجهه الى النافذة وامعن النظر الى شقيقته والدموع تنهال على خديها، وفي مكان غير بعيد رأي جملة (الحوري) يتغذى على بعض النباتات، فالتفت مرة اخرى للصادق ونظر اليه نظرة وشت بما عزم عليه، ثم اخذت عيناه ترنوان الى جملة الحوري وقال:
اكل الخلفه وقبّل على المنسية (5)
وشمخ الحوري لي كتلة عريب ناس ريا
ان ما اسكت الباكيات واخلف الكيّه
قولة ابو فاطنة يا الصادق خسارة عليا
ثم توشح سيفه وامتطى ظهر الحوري باحثاً عن (علي) قاتل شقيقه، متقابلاً معه وجهاً لوجه على ساحة الثأر، والطيب يقول له لن اغدر بك كما غدرت بشقيقي، ولكني سأقتلك وفقاً لقواعد الفروسية وأصول المبارزة فاستعد بسيفك، ومن خلال مبارزة عنيفة استطاع الطيب ان يجهز على غريمه، وقام بجز شعر رأسه وحمله الى شقيقته، فحال حزنها الى فرح، وبدأ الضحواب ولأول مرة يتقبلون العزاء في فقيدهم الكرار، وتغيّر مجرى حياة الطيب بعد هذه الحادثة فسار على درب شقيقه القتيل، درب الهمبتة الطويل الوعر، الذي جمعه بصديق عمره طه الضرير، وكان للقائهما قصة شعرية، فقد تم اللقاء في مجلس من المجالس، وهما لا يعرفان بعضهما، غير أن كلاً منهما كان يسمع عن مغامرات الآخر وصفاته دون أن يراه، وضم المجلس شاعراً وهمباتياً آخر هو (على ود الفقير)، وكما جرت العادة في المجالس أخذ الثلاثة يتساجلون بالشعر.. وبدأ الطيب المساجلة قائلاً:
ماني شغيل بيوت بعقب بحل الصره (6)
وما بتبن الجاره واخون الحره (7)
بازل مالي للازمني واقف بره (8)
وسايم روحي لليوم البقولو مشره (9)
وقال علي ود الفقير مجارياً:
ماني شغيل بيوت الناس بتكره جيتي
وماني بتبن الجاره واخونا وليتي
بازل مالي لي اخواني البعرفوا صتيتي (10)
وسايم روحي للفارس البقولوا ضميتي (11)
وختم طه المجاراة قائلاً:
ماني شغيل بيوت القليه كارف ريحا (12)
وماني الأرمل النازل على التلقيحه
بازل مالي للازمني شيك وضبيحه
وسايم روحي لليوم الختوتو قبيحه (13)
فقاد حدس الشاعرين الفارسين الى معرفة كل منهما للآخر بالاسم دون ان ينطقا به، وبدأت الصداقة تنسج خيوطها بين الرجلين من فتائل المودة والمحبة، واستعدا لرفقة طويلة امتدت بامتداد العمر، وحملت من قصص المغامرات والوفاء ما حملت.
عُرف عن الحاج عبدالقادر ود سليمان ثراءً واسعاً وسعةً في الرزق، وقد حاول ان يثني ابنه عن السير في درب الهمبتة بشتى السبل، ويقال انه في سبيل ذلك عرض عليه نصف ثروته، ولكن كان السيف قد سبق العزل، واصبح الطيب عضواً في منظومة الهبماتة، وضمن نسيجها القوي، ومن زعمائها المحبوبين، وولع بها ولعاً شديداً، قاده الى عدم الاستجابة لنداءات والده المتكررة، ولم يترك العمل بها إلا بعد ان اعجزه المرض، إلا ان الأوبة كانت تقع احياناً في بؤرة حنينه، فيحاول ان ينفي هذه المشاعر ويقاومها والتي تهجس له بعد حين وآخر بهواجس تدعوه للعودة، فيجاوب نداءها بهتاف ضعيف من أغوار وعيه، فإذا انتصرت عليه شد رحله نحو الديار حيث مثوى اهله ومراتع صباه فيعانق أباه، وقد يغريه البعض بالبقاء وامتهان الزراعة التي لا يحبها ولا يعرف اصولها، فيمكث قليلاً ثم تنتابه مشاعر الهمبة ولذاذاتها فيعود الى سيرتها التي اتخذها منهجاً لحياته واحبها بعمق، بيد ان الطيب وقبل وفاته التي حدثت بمنزله، وقد خلف وراءه بنتاً تدعى فاطمة الزهراء، وكان يعتز بها اعتزازاً عظيماً، وذكرها كثيراً في شعره، لذا كانت احب الألقاب الى نفسه هو لقب ابو فاطمة، وقد وصفه من رآه انه كان مربوع القامة، اسمر اللون، مشرب بحمرة، كثيف شعر الرأس والجسد، قوي البنية، متوسط البناء، يتزين وجهه بالشلوخ وبمزيج من القوة والعطف.
في درب الهمبتة التقى صديقه طه الضرير وهو طه محمد ابوزيد، عُرف بعدة القاب كأبوالزينة، وود اب زيد، وغلب عليه لقب الضرير، وقد خُلع عليه هذا اللقب بسبب ما اعترى بصره من ضعف، ورغم ذلك كان خبيراً بدروب البوادي ومسالك (الوعرات). ومن المواهب النادرة التي كان ينفرد بها انه يتعرف على المكان من خلال شم تربته... وقد ارتاد طه آفاق الهمبتة منذ بواكير صباه، اذ ولجها وهو لم يتعد السابعة عشرة من عمره، مما اكسبه خبرة وتمرساً عظيمين، واتسمت شخصيته بالقوة وكاريزما القيادة، وهي صفات اهلته لأن يكون قائداً لمجموعته، كما صار خبيرها ودليلها. يقول الطيب ود ضحوية:
واحدين في البيوت ديمة مكبّرين عَمَّامُن
عدموا الحيلة والزول اب عوارض لامُن (14)
واحدين صنددوا وختوا الضرير قدامُن
طبقوا العودة للماسكات عِداد أيامُن (15)
وأبرز من ضمته مجموعة طه الى جانب صديقه الطيب، على ود الفقير، وكيقه ودعمران، وقريبه الصديق ود التركاوي الذي كان يلقب بالعمدة، وبأب تَرَمة وكان اب تَرَمة شجاعاً ومقداماً ذكره طه في شعره كثيراً كقوله:
بي يوم الخميس قوز بره متيامننو (16)
وكش اب تَرَمة قدامنا ومرقلنا جنو (17)
كم فزعاً لحقنا حمدنا بيض اب سِنو (18)
يا ريت السيوف لو تحكي بالفاعلنو
وطه استحق القيادة عن جدارة، فقد كان يهتم بأفراد مجموعته اهتماماً كبيراً، ومن العجيب انه كان يسلّم نفسه ان كان مطلوباً لدى البوليس، او ان يقوم بمغامرة ان لم يكن مطلوباً، وكان احد أفراد مجموعته محبوساً، وذلك بغرض ان يقوم بتهريبه من السجن، وعندما حبس قريبه الصديق عثمان ود تركاوي في احدى السجون ثقل عليه واحزنه الامر وقال:
الخبر السمعتو الصديق مقفل جوه
حالف ما بقيف دونو ان بقيت في هوه
صقر الميتره الدايمن بيقلع قوه (19)
بتب عجلان على البقول يا مروه (20)
ولد طه الضرير ببلدة أبودليق في العام 1901م، وتوفي فيها العام 1980م، وينتمي الى قبيلة البطاحين، فوالده علامابي، ووالدته عركشابية، وتنتسب جدته لأبيه الى فرع الشرحاب. وقد اشتهر طه بعدائه الشديد للانجليز، وله مواقف مشهودة معهم.
جمعت بين طه والطيب وحده المصائر، واتحاد المصالح، وصداقة متينة الجذور، وإلفة لا تدانيها إلفة، فكانت علاقة شهد لها الجميع بعلو الشأن، وذيوع الصيت، وقد رفداها بقيم العُربان، وأخلاق الشجعان، وكانا يعلمان ان دربهما وعر المسالك، ومحفوف بالمخاطر، لذا لم يكن غريباً ان يقع طه ذات يوم في أيدي السلطات بتهمة النهب، وصدر عليه حكم بالسجن لمدة سبع سنوات، والغرامة مبلغ خمسون جنيهاً، على أن يحبس لعامين آخرين في حالة عدم دفع الغرامة، وتم ايداعه بسجن القضارف مشددين عليه الحراسة، وعندما أُبلغ الطيب بهذا الخبر العاصف هبط عليه عناء ثقيل، تهالك تحت وطأته على الأرض، واطلق زفرة حرى، وأطرق عن دمعة حزينة.. وأخذ يقول:
الليلة النفس صبحت عنيدة وعامدة (21)
وما بتتسلى غير برقع حميدة وحامدة (22)
يا حليل الرباع أبان قلوباً جامدة (23)
ناس طه الضرير ضو القبيلة الهامدة (24)
ثم قفز طه الى ذاكرته بقوة وبصور شتى، فهو صديق الصبا، وعهد المشيب، ورفيق دربه، وحامي ظهره، وحافظ سره، وتذكر كيف ان طه قد زاره بمسقط رأسه قرية الضيقة، وكان وقتها يعاني من أزمة مادية ومعنوية، بسبب قرار عابر اتخذه إرضاءً لوالده وبعض أهله، وبموجبه امتهن الزراعة التي لا يعرف أسرارها ولا يعلم أصولها فسامته سوء العذاب وأتلفت ماله، فقال له ألست القائل:
كم عتمر تبن فوق قجة العبادي (25)
وكم غصتلن من الدنادر وغادي (26)
أكان مي قسمة يا الديفة أم قريناً نادي (27)
ما خصّانا بي زراعة الفشق والوادي (28)
وألم تقل:
الليلة التغمد يا حسن مفقود
كنس قلبي فوق لوز التبس والعود (29)
أكان مي قسمة يا الديفة الوضيبا بقود
ما خصّانا بي زراعة ودي مسعود (30)
هذه المواساة التي أحبّها الطيب، والتي انداحت من قلب طه كانت من الواجبات التي فرضتها صداقتهما المتينة، مما دعا طه حينها ان يكثر ويسهب في القول، وهو يحاول اقناع صديقه بالعودة الى الهمبتة وترك الزراعة التي لا طائل من ورائها، وعندما أحس طه ان الطيب لم يخرج من دائرة التردد، ذكّره بكل أبيات الفتوة والحماسة التي ظل ود ضحوية خادماً لقوافيها طيلة حياته، وعندما أنشده المربعين الذين يقول في أولهما:
ماني التمبل الفي البيت صنعتي حليب (31)
بدور الشدة فوق إبلا شوافي ونيب (32)
إن حرن نخت الشكرة ما بنعيب
وإن بردن نكافيبن سوالف أم طيب
وفي ثانيهما:
ولداً بطبق المسرى فوق المسرى
يخلف ساقو فوق ضهر أب قوايم ويسرى
حقب قربينو فوق جربانو خت أب عشرة (33)
فرقاً شتى من ناس يمة زيدي الكسرة..!
أخذت تختال في خاطره أطياف غابرة، وهب واقفاً وأخذ ينظر الى الفراغ، واتجه نحو جمله (السحار)، فأسرجه ووضع عليه كل ما يلزم أعمال الهمبتة، ولا تزال تلك الإبتسامة التي علت وجه صديقه طه الضرير والتي تدل على الرضا عالقة بذهنه عندما كان يترنم بشعر لأحد الهمباتة حاكى حاله في تلك اللحظة:
ختينا السروج في النوق بعد ما ادّّلن
وطوينا السلوب يا أم ريد بعد ما انحلّن (34)
ليالي الراحة يا السوسيو بشوفن ولّن (35)
على الواحيّة مجبور والدراهم قلّن (36)
ثم استرجع ود ضحوية ذكرى اجتماعهما عل ما أحبه فؤاديهما من صنوف المغامرات وركوب المصاعب والمخاطر وفاءً لتلك القيم التي يحملانها في صدورهما، وتذكر كيف ان ركبهما اتجه غرباً نحو جبرة القابعة بدار حامد القاصية من أجل النهيض، ولم تكن مغامرتهما سهلة أو يسيرة، إنما كانت شاقة وعسيرة، فقبل ان يفوزا بغنيمتهما من الإبل، تعرضا لوابل من الرصاص، ودارت معركة عنيفة بينهما والأبّالة، انتصرا فيها انتصاراً مبيناً، وهاهي غنيمتهما من الإبل تتهادى أمامهما وقد امتلاءاً زهواً وفرحة والطيب ينظر الى طه ويقول:
جبرة بعيدة ما أتسّف على السواها
الغابة أم كنز بي حزمو عقبان جاها
الأكل السلات الكسرة ما بنطراها
نصرف رزمة لي ست الكيوف يا طه
غير انه لم ينس تلك المغامرة التي ضمته مع صديقه الحبيس عندما اقتادا إبلاً من قبيلة البازة على الحدود الحبشية، وان رجال البازة الأشداء فزعوا على أثرهم بأسلحتهم النارية والبيضاء، وحاصروهما حصاراً محكماً، وفي هذا الموقف الذي تعجز فيه الألسن عن النطق، قال الطيب لطه وهو يستثير شجاعته وصموده بلغة خاصة:
زمنك كلو تاكل باردة ما ضق حارة
وأطرى الليلة يا طه أم حمد والسارة
درق البازة جاك زي السحابة التارة
وحس أب جقرة والقربين صواقعاً كارة
غير انه لم يجد من صديقه إلا الشجاعة والبسالة حينما رد عليه قائلاً:
باكل حارة ما ضُق باردة ماك داريني
وأسعل مني ربعاي البعرفوا قريني
حس أب جقرة والقربين دوام طاريني
أنا أخو اللينة كان يبقى الحديث عانيني
وتذكر كيف كان لهذا الشعر من أثر عميق في نفسيهما، وكيف زادهما شجاعة وإقداماً وصموداً الى أن تحقق لهما النصر على فزع البازة الذين تركوا أرض المعركة وفروا ناكصين على أعقابهم كما فرت حُمرٌ من قسورة، ثم سرت ارتعاشات سكرى غشت كيانه ورجّت وجدانه رجاً عندما سمع صديقه الضرير يقول:
كم شديت على تيساً بتب بي عقالو (37)
خرت الدرعة بي عزمو وطا شيالو (38)
مريبيت البشاري أب مسكنا جبالو (39)
ود ضحوية منك والدرادر حالو (40)
فقفز من جمله وضرب الأرض برجله وهو يحاول ان يرد الفضل بالفضل ويقول:
أبوك يا الزينة عكاهن قبض في روسن (41)
الهوج والشرق فوق العواتي بكوسن (42)
أمسوا الليلة بي الصنج الكتير جاموسن (43)
نووا العودة لي الغاليات ورفيع ملبوسن
هكذا كانت تسير بهما الحياة وتعطيهما من أليفها ووريفها ما تمنياه، ومن لدنها الرفقة الأنيسة، ومن أغوارها الصحبة النفيسة، ولكن أين هما الآن من كل ذلك وقد باعدت بينهما ديار القهر والهوان وظلام الزنازين الآثمة.
نقف هنا قبل ان يفيق ود ضحوية من رؤاه وذكرياته وسندرك في الجزء الثاني من هذا المقال كيف تصرف الطيب حيال محنة صديقه طه الضرير. ونواصل.
الهوامش:-
1- العاليالبي: اسم جمل الشاعر سماه منسوباً للعالياب.
2- اختر: أمشي وأسرع، وأصلها الفصيح خطر
3- فزعوا: من الفزع وهو طلب النصرة خلف اللص أو الهمباتي
4- العوزكم: الأحوجكم او منعكم، والدوار المشي بالإغارة
5- الخلفة: هو ما يتفرع من ساق الزرع من أسفله لساق أخرى أو فروع أخرى. المنسية: هي الحشائش على الرض التي تنسى ان تقطع في المرة الأولى.
6- شغيل بيوت: هو من يقبع في الدور يعمل فيها وتقعده همته عن النهوض. الصرة: ما تضع فيها النساء أموالاً أو غذاء
7- أتبن: أتحسس أو أتفقد وجاءت هنا بمعنى خدش حياء المرأة أو الإعتداء عليها أو مراودتها
8- بازل: أصلها الفصيح من بذل. اللازمني: الذي يحتاجني.
9- سائم: بائع. مشره: من الشر.
10- صتيتي: سطوتي.
11- ضميتي: الصنديد.
12- القلية: ما يقلى كالبن.
13- الختوتو: يعني خطوته.
14- الزول أب عوارض: يقصد المرأة.
15- عداد أيامن: أي يحسبن الأيام ترقباً للقاء.
16- قوز برة: هو اسم لموضع. متيامننو: أي على يمينه.
17- كش: تقدم وهو يزيل.
18- المعنى العام للشطر انهم تغلبوا على جميع مطارديهم.
19- الميترة: المعركة وساحتها، وقعنا عليها كذلك بمعنى الصخرة.
20- بتب: يهب متعجلاً.
21- عامدة: من عمد أي اشتد حزنه.
22- حميدة وحامدة: فتاتان من إحدى قبائل الشرق مشهورتان بالحسن.
23- الرباع: الأصدقاء والزملاء.
24- احتج البطاحين لدى الطيب عندما ظنوا ان الشاعر يعني بالهامدة قبيلتهم غير انه أشار الى انه ما كان يعني سوى ان طه هو ضوء كل قبيلة هامدة.
25- عتمرتبن: أي ضربت بهن الصحراء فالعتمور هي الصحراء. القجة: أعلى الجمل أو سنامه، العبادي: جمل الشاعر.
26- غصتلن: من غاص ويقصد البعد والدنادر مناطق نهر الدندر.
27- الديفة: الظبية الصغيرة تشبه بها الحسناء.
28- الفشق: لعلها من الفاشوق وهو جزء من الساقية.
29- التبس: الزرع المتيبس بعد قطعه.
30- ودي مسعود: ودي تصغير وادي ووادي مسعود هو احد الأودية التي يزرع بها الضحواب.
31- التمبل: قصير القامة ذو الكسل والتبلد.
32- الشوافي: القويات. النيب: مفردها ناب وهي الناقة المسنة.
33- القربين وأب عشرة : نوعين من الأسلحة النارية القديمة.
34- السلوب: الحبال.
35- السوسيو: اسم جمل الشاعر.
36- الواحية: الصحراء أو الفلاة في البادية.
37- التيس: الجمل.
38- الدرعة: ما يدرع به الجمل حول عنقه.
39- مريبيت البشاري: المقصود هو الجمل البشاري وهو نوع جيد وسريع. جبالو: جباله.
40- درادر: من دردر وتعني أتعبه وأساء استخدامه.
41- الزينة: ابنة طه الضرير. عكاهن: من عك أي أنهك وأضنى والضمير يعود للإبل المنهوبة.
42- الهوج: هي المنطقة الجغرافية الواقعة مابين النيلين الأبيض والأزرق.
43- الصنج: الفلاة.
عندما أفاق الطيب ود ضحوية (1) من تلك الرؤى والأطياف قرر أن يسافر من كبوشية الى القضارف حيث يرزح تحت وطأة قيده في سجنها صديقه طه الضرير. قرر أن يسافر بعد أن أخذته تباريح الشوق إليه كل مأخذ، فشد رحله صوب القضارف على متن جمله "العاتي" يرفعه آلٌ ويخفضه آلٌ وتلفظه بيدٌ إلى بيد، وعقيرته ترتفع بالنميم فتملأ نفسه شجواً وشجناً، والعاتي يطربه النغم فتزداد سرعته وتتباعد خطاه فتخبو من خلفه أضواء كبوشية، والطريق يمتد أمامه طويلاً، ويترنم ود ضحوية بقول رفيقهم الشاعر الفحل يوسف ود عاب شبيش:
الدَرِبْ إنْشَحطْ واللُّوسْ جِبالُو اتْنَاطَنْ (2)
والبَنْدَّرْ فَوانيسُو ال بيَوقدَّتْ مَاتَنْ
يا فَرُوجْ هَضَالِيمْ الخَلا ال بنِجَاطَبْ (3)
اَّسِرعْ قَوبِعْ أَمسيتْ والمواعيدْ فَاتَنْ (4)
وتستمر رحلة الطيب ليتصل نهارها بليلها وهو لا يني ينشد ما يجول بخاطره من أشعار، وعندما يردد أشعار صديقه طه يحس وكأنه يتذوق فاكهةً إِستوائية معسولة اللُّبْ.
اللَّيلْ بَوبَا والكُرْتْ الرَحِيحْ وَالَنٌّو (5)
رَكَزَنْ فَوقْ ضُرَاعِنْ والهَنيسْ غَزَنُّو (6)
الجَبلْ أَبْ قُرودْ يا امْ عَارضْ إِتْعَدَنُّو (7)
الموتْ عِزَة واللَومْ ليَنَا ما بْرضَّنو
وأخذ الطيب في رحلته هذه يسأل نفسه كيف تسنى القبض على صديقه، ذلك الأسد الهصور الذي يهابه الجميع، ولا يستطيع كائناً من كان أن يقترب منه ليمسه بسوء، أليس هو القائل:
منْ شَندِي إِستعدينَا ومَرَقْنَا خَلاَسْ
طِرَي المريُودَه وأدَّرْدَقْ عَليهَا أَبْ رَاصْ (8)
كَان نِتْلاقى في فَنَقَه وضَربْ رَصَاصْ (9)
ما بْجيِبَُونَا نَاسْ طَرْطُورْ مَعْ الَقَصَّاصْ (10)
انتهت رحلة الطيب وأناخ بجوار السجن، وطلب السماح له بزيارة صديقه طه، فجاءوا به إليه والأغلال تلتف على جسده البادن القوي ويديه المفرودتين كجناحي نسر. وما أن رأى الطيب طار إليه بعناق عنيف كأنه ارتضام. إرتج له قلب حارسه ثم أخذا يرتاحان من أشواقهما على ذكرياتهما الثرية.
وانسهما الجميل وعندما سأل الطيب طه عن كيفية القبض عليه أطلق آةً ملؤها الحسرة وقال: هؤلاء الإنجليز الأنجاس أعلنوا عن جائزة مقدارها خمسون جنيهاً لمن يدل عليَّ، وكما تعلم يا صديقي أن الناس فينا إثنان منهم من يحبنا ويوقرنا ومنهم من يهابنا ويخشانا، لذا لم يؤد الإعلان عن الجائزة غرضه، غير أني يا صديقي وقعت في هوى حسناء من عرب هذه الناحية تشبه تلك التي قال عنها صديقنا الفنجري:
عُودِكْ حَكَّمُو البَاري الجَمِيلة صِنعْتُو
خَتّهَ ورَسَمَا بيْ قالباً عَدِيله شَمِعَتُوا
عُنقاً زيْ حَرَاريبْ البُطَانَة فَدَعتُو
بصْبُرْ عَاشقُو كَيفْ مَا دَام جَهَنَمْ تِحتُْو
وكان لهذه الحسناء محب أعماه الغضب، وأكلته الغيرة، فوشى بي وتم القبض عليَّ غدراً، وبواسطة قوة كبيرة وأنا نائم. وعندما أخذوني إلى هذا السجن وجدت صديقنا الفنجري يقضي فيه عقوبة، فسألني ذات السؤال فقلت له:
رُقَادْ السِجِنْ وتِقِفِلْ الأَوضَاتْ (11)
سِمِعْ فَيْ الفَايْحَة واحدين في العَربْ شُمَّاتْ (12)
مَكَتَوبةْ الجَبِينْ هِي بالصِحْ مَا بِتِنْفَاتْ
لَزُوم للحادَة والمِحنْ البِجَنَْ ضَيفَاتْ
فردَّ عليَّ قائلاً:
شَيلْ المِحْنَه يا امْ فُرْقُدْ عَليهو شُدَادْ (13)
والسَفرْ أبْ مِسَاويكاً حَجَر غَيرْ زَادْ (14)
العَطَا مِن عَدَم نَدي ونقول مَا عَادْ (15)
والصَبُرْ عَلي الكايْنَاتْ بَلا مَيعَادْ (16)
فأثار ما قاله طه شهية الطيب فأخذ يساجله بأشعار الفتوة والحماسة، فتخلقْ من كان حاضراً حولهما وهم يطلقون آهات وصرخات الإعجاب، غير أن الطيب أخذ ينتبه إلى أن الوقت المحدد للزيارة يسير إلى انتهاء، فسأل صديقه عن أحواله فرد عليه بمربع شعري كان يقول فيه:
اللَّيلَة الغَرَامْ لَمَلَمْ جَمَاعْتُو مَحَقَّقْ (17)
واصْبَحْ جلْدِي مِن القرَّه كُلُو مَشقَّقْ (18)
فَارَقْ مَسَّةْ القَرْنَ المُشَاطُو مَدَقق (19)
وقَايْلَه وبَايتَه يا أب شخلوبْ بَدين تِتبقق (20)
فغشت الطيب سحائب من الحزن والأسى لم تنقشع الا عندما قال له طه إن المحكمة الأعلى خففت عقوبة السجن لتصبح عامين من تاريخ القبض عليه ولكنها أبقت على عقوبة الغرامة. ثم أقلقتهما إشارة الحارس الدالة على انتهاء ما هو محدد من وقت للزيارة. فهب الطيب لوداع صديقه، وقبل ان يغادر قال له: سأكون كما كنت أميناً وراعياً لأسرتك حتى يفرج عنك، وسأعمل في الوقت المناسب لتوفير مبلغ الغرامة لتعود إلينا سالماً وقوياً كما كنت.
تعاقبت الأيام ومرت الشهور والطيب على عهده وتعهده أميناً وراعياً لأسرة صديقه طه، وعندما شارفت العقوبة على الانتهاء قام الطيب بتوجيه نداء لقريب له يدعى (القاضي) ونفر من الهمباتة ممن يثق في ولائهم وكفاءتهم واتجه بهم صواب الحدود الحبشية بعد ان اتفق معهم على نهب اكبر عدد من الإبل التي تمتلكها قبائل الأحباش وهو يذكرهم بأن هذه العملية هي الأهم بالنسبة اليه فالنساء في انتظار الجميع والضرير في انتظار ان تدفع الغرامة المحكوم بها عليه فلا مجال للتقاعس أو التهاون.
بدأت العملية ونجحت المجموعة في اقتياد عدد كبير من الإبل وتخطت بها الحدود من جهة مدينة تسني، والطيب يتقدم الركب وقد اعترته نشوة غامرة وهو يخاطب جملة بأشعار صديقه طه فقال له فيما قال:
الدَرِبْ رَاحْ عَلَيكْ لا تْقَادِي رَاسَكْ يلُوجْ
أَمْسَكْ نَجَمْهْ يَا صَقُرْ الحِلا العَبْلُوجْ (21)
مَا دَامْ أَمسَى لَيلَكْ بالشرقْ والهَوجْ
أَخْبِتْ اللُّجَه بيْ قُرَانَكْ أقعْ في الموَجْ (22)
بدأ القوم يتوغلون في مسير شاق وهم يقودون غنيمتهم الكبيرة، فأرادوا الراحة، فحطوا بوادٍ، غير انهم شعروا أن عدد ما نهبوه من الإبل كبير وقد يعوقهم في المسير فيسهل تعقبهم عن طريق الفزع، فبرز بينهم رأي على ترك نصف الإبل ومواصلة السير بالنصف الآخر، بيد أنهم كانوا يخشون عدم موافقة زعيمهم الطيب على هذا الرأي لأنهم يعلمون انه لن يتنازل عن أي جزء من الغنمية ويعتبر ذلك عيباًَ في عرف الهبماتة. ولما كان الطيب قوي الشخصية مهاب الجانب آثر القوم أن يحاولوا إقناعه برأيهم عن طريق قريبه (القاضي) ولكن مسعاهم خاب حينما رفض الطيب رأيهم رفضاً قاطعاً وقال للقاضي إن كنتم تخشون الفزع فاني لا أخشاه وقل لرفاقك ألم تتعلموا من قول عمكم طه الضرير حينما قال:
كَمْ شَقيتْ فَوَافي وهَافي قَالِبْ لَوني (23)
ببعِدْ ردِي مِنْ نَاسْ سَاحِتي لا يْلُومُوني (24)
كمْ بَارَيتَ جَنيناً في الخَلا بشوروني (25)
كُراعي تَقيلَه بَحَرِتْ كفي إن فَزَعَونِي (26)
وأضاف إليه قائلاً: إن نصف هذه الإبل سيذهب ثمنها لطه ليدفع منه غرامته وسيقسم النصف الآخر بيننا حسبنما أبرمناه من اتفاق، ولا تنسوا أننا غبنا عن ديارنا كثيراً وأن الفاتنات ذوات الحجول والخدود في انتظارنا بلهفة وشوق وترقب، ثم امره بأن يعد له جمله العاتي وان يخطر الجميع باستئناف المسير فوراً وأخذ يخاطبه قائلاً:
قُومْ يا القاضي فَوقْ العَاتي أَقلبْ الشَّدْ (27)
دِيكْ تَسنَي عَقَبْنَاها وخَتَمْنَا الحَد (28)
دِي بِنْسُوقَا لامْ شَلاَّخْ جَمِيلةْ الخَدْ
عَليْ بلاَجا وعُقْبَانْ السَما اللِّنْقَدْ (29)
ثم استؤنف المسير ووصل الجميع بسلام ترافقهم غنيمتهم الكبيرة وأناخوا بديار ستات المجالس فبرزن الى لقياهم في مرح وأخذن يضربن الدفوف ويغنين ويرقصن ويطلقن الزغاريد، فأشار الطيب لنحر بعير وآخر وثالثاً، والجميع يأكلون ويشربون ما طاب لهم، وقد سرت في أوصالهم النشوة، والطيب في مجلسه يرقب كل هذا الفرح، وبدا مستمتعاً وهو يرى احدى الفاتنات وهي تتمايل في رقص جميل، غير انها توقفت فجأة عن الرقص، وأخذت تنظر الى خارج المكان، وبسرعة أدارت وجهها ناحية الطيب واتجهت اليه صارخة وقائلة: الفزع على الأبواب. وأفراده يحاصرون المكان تماماً. فسكت كل شيء إلا صوات الطيب الذي خاطبها بقوله:
زَوزي ونَسَّفِي الفَوقْ المَتَاقِيلْ نَدَّ (30)
وما يَهمِكْ فَزع نَاساً كُتالُم هّدَّ (31)
بِعجبك نَبَانَا وكْتينْ الضُراعْ يتْمدَّ (32)
وتِمي الَرقصة وعُقبان السَّما اللِّنْهَدَّ
أصاب الفزع القوم بالوجوم تارة وبالجلبة تارة اخرى، واختفت مظاهر الفرح لتحل محلها مظاهر الاستعداد للمقاومة والقتال، فتبدلت المشاعر، وساد الهرج والمرج، فوقف الطيب وهو يقول بصوت مرتفع وحاسم:
دَيَكةْ حِلَّه في الطَلْعَه ما بْحُوشُونَا (33)
يا بتْ غَني يَا نَاس رُوقوا لا داوشوُنَا
حَرَّمَتَ الحلالْ اللّّيلَة كَان يَغَشُونَا
حِس الفِي الجُرَابْ هَسِع بعيطْ في الشُونَا (34)
ثم أمر رجاله بالخروج تحت قيادته لمواجهة الفزع الذي لم يستطع أفراده الصمود كثيراً أمام الطيب ومجموعته وآثروا السلامة عن طريق الهرب ليعود الطيب وفرسانه تحفهم رايات النصر وسط ابتهاج عظيم أخذ الليل كله. وعندما أنبأ الصباح عن قدومه بنور الشفق، أومأ الطيب لجماعته ببيع الغنمية كيفما اتفق، فكان له ما أراد، وعندما تقاضى الثمن أجزل العطاء للنسوة، وأعطى لكل فرد من المجموعة ما يستحقه حسبما قضى الاتفاق.
أخذ الطيب يشد على أيدي رجاله بحرارة ويربِّت على اكتافهم بقوة ويلوّح بيده للجميع مودعاً وهو يستعد للانطلاق نحو مدينة القضارف على ظهر جمله العاتي والتي ما أن وصلها حتى عرّج على سوقها واشترى جملاً حراً لصديقه طه ثم توجه إلى مباني المحكمة ودفع الغرامة المفروضة عليه ودلف إلى السجن بأمر الافراج عن صديقه طه وتهيأ الرجلان للخروج عبر بوابة الحرية الواسعة والسعادة تغمرها والطيب يغني لصديقه قائلاً:
يَوماً في السجنْ ويَوماً رُقَادْ مِتْحَدِّرْ
ويوماً بالصَفَايح ليْ البَحرْ بِندِّرْ
القَيدْ والحَبِسْ قَطْ للقلبِ مَا بْوَدِّرْ
أطرى اللِّينْه يا طه الضَرير لا تْوَدِّرْ
ثم بدأت تغزو كيان طه مشاعر مبهمة وأحاسيس غريبة لم يدرك طعمها المعسول إلا عندما أفاق على صوت صديقه الوفي ود ضحوية وهو يترنم:
يَومْ مِجَنِبينْ مَاسْكِينْ نَقَيبْ الهَوْ (35)
ويَومْ يَابْسِينْ فَوقْ سُرُوجنْ كَوْ (36)
مَبْرُومةْ الحَشََا المِيهَا التَخِينَة أُمْ بَوْ (37)
يوم بنجيها نازلين زي صقور الجوْ
\\\\\\\\\\
الهوامش:
1) سقط من الجزء من هذا المقال في سيرة الشاعر الطيب ود ضحوية قولنا إنه وقبل وفاته التي حدثت بمنزله بكبوشية انقطع للصلاة والعبادة وتلاوة القرآن.
2) اللوس: موضع. إتناطن: تقافزن، والجبال تبدو للمسافر بادية وغائبة كأنما تتقافز.
3) الهضاليم: مفردها هضليم وهو ذكر النعام والشاعر هنا يشبه جمله بصغير النعام كناية عن سرعته.
4) القوباع: نوع من أنواع الجري عند الجمال.
5) الكرت: مفردها أكرت وهو الجمل القصير القوي. الرحيح: المشي.
6) الهنيس: ضرب من الحشائش.
7) أم عارض: المرأة.
8) أب راص: أب رأس ويعني بها الجمل.
9) الفنقة: الأرض الخلاء الواسعة.
10) ناس طرطور: المقصود بهم رجال الشرطة والسلطة استخفافاً. القصاص: هو قصاص الأثر.
11) الأوضات: الغرف ويقصد بها زنازين السجن.
12) الفايحة: ما يدور من حديث كالإشاعة. الشمات: هم الحاقدون ومن لا يحبون الخير للآخرين.
13) أم قرقد: القرقد هو الشَعر القوي والخشن والمقصود بأم قرقد الأَمَة.
14) معنى هذه الشطرة يسلك في صعوبة السفر وإرقاهه.
15) العطا: هو العطاء. ندي: نعطيه.
16) الكاينات: المصائب.
17) في الشطرة معنى شوق الحب العنيف.
18) القِرة: البرد.
19) القرن: الشعر.
20) أب شخلوب: جمل الشاعر والشلخوب نوع من الوسم يوضع على الجمال.
21) العبلوج: السريع القوي.
22) القُران: مجموعة الإبل المنهوبة إذ تقرن إلى بعضها بالحبال.
23) فوافي: يقصد الفيافي.
24) الِرد: المكان.
25) جنيناً: الفتيان. الشاعر يقصد أنه زعيم يشار.
26) كراعي تقيله: يقصد أنه لا يتوخى الهرب.
27) الشد: السرج.
28) الحد: الحدود.
29) بلاجا: فراجها وهو سبحانه وتعالى.
30) زوزي: حركي. نسفي: حركي بشدة. المتاقيل: نوع من الحُلي تضعها النساء على الخواصر. والشطرة تدل على طول شعر الفتاة الذي يتدلى حتى خصرها.
31) كتالم: قتالهم. هدَّ: التهديد دون قتال.
32) نبانا: نبأنا. وكتين: وقت ما.
33) ديكة حلة: تشبيه للجبناء ومن هم بلا همة. الطلعة: العراك.
24) حس الفي الجراب: يقصد به سلاحه الناري المخبأ في قرابه. الحس هو الصوت. بعيط: يحدث صوتاً. الشونا: المكان. ويقصد هذا المكان.
منقول من كتابات اسعد الطيب العباسي