اسمه الطيب عبد القادر سليمان ود
ضحوية " وضحوية جدته لابيه "وتنتمي االي بيت يقرب للسروراب بكبوشية وقد
اطلق اسم الضحواب علي هذاء الفخد من تلك القبيلة نسبا لجدتة, ينتمي
إلى قبيلة الجعليين ولد بقرية الضيقة بجبل أم علي وهو مسندابي عاليابي والعالياب هم فرع من فروع قبيلة الجعليين .
الهمبتة في حياة الشاعر:
لما بلغ الشاعر العشرين من
عمره اجتذبته حياة الهمبتة لما
كان يشاع عنها من أساطير وقصص وبطولات تحكى في المجالس مقرونة بإشعارهم الحماسية وأخبارهم مع محبوباتهم ، استرعت هذه الحياة
انتباه الشاعر فانضم إلى جماعة القديات
والهواوير من البدوالهمباتة ، ليس بدافع الفقر وانما طلباً للبطولة والمتعة . صحب الطيب ود ضحوية في غاراته اعتى رجال الهمباتة كطه
الضرير ورحمة التركاوي واحمد عمران
وود فكاك وصار زعيماً للهمباتة لتفوقه عليهم في هذا الميدان .
حياة الهمباتة من خلال شعره :
يعتبر شعر الطيب ود ضحوية مرآة لحياة رفاقه من الهمباتة لانه وليد تجربه وليس وليد الخيال وحده وفي
ما يلي بعض الصور التي سجلها عن
حياته ورفاقه :
الليـــل امسى والنعسان*
جرايــده يرحن*
كبـــس الهم علي الســــط*
قلوبن وحن
كضـــم* الجرة سحــّار
الغروب اتمحن*
نعـــود سلمانه ياعمـر
الظنون إن صحن
النعسان : يعني الجمل ، يرحن : يتألمن ، السلط : الشجعان ، كضم : كظم ، اتمحن :
احتار
في هذه الابيات يصور لنا الشاعر صورة الهمباتي الذي يستتر بالليل ويخب المسير على جمله
الذي أصابه النعاس أنهكه السير حتى صارت
اقدامه تؤلمه " جرايده يرحن " وكيف أن رفاقه الهمباتة الشجعان " السلط بمعنى الشجعان " قد ساورهم الهم والوساوس حتى
أسرعت دقات قلوبهم فتجاوب " الساحر "
وهو اسم احدهم مع هذا الموقف المتحفز " فكضم الجرة " أي لزم الصمت استعداداً للضربة القاضية التي يريد أن يكيلها الرجال لخصمهم في تلك
اللحظات ، واثناء ذلك يعلل الطيب نفسه ويشجعها ويمنيها بالظفر والعودة
للمحبوبة " سلمانة
" برفقة
صديقه عمر .
امـــلالنـا الكــدوس
تمبكنــا ياعبـــاس
مابـترضى أم خدود جيبـــة الزمل يبـــاس
دا الجابر على الحــارة أم
ضــرب رصاص
نحــن نـــدركا وعقــب الكــريم خلّاص
وفي موقف آخر يبدو أن رجال
الطيب قد اختلفوا في ما بينهم بين
الإقدام والإحجام ، وذلك لان الغارة التي ينتوونها محفوفة بالمخاطر وفرص النجاح فيها قليلة ، لكن الطيب يضرب صفحاً عن لجاجتهم
واختلافهم ويأمر رفيقه أن يقدم "
التمباك " انصرافاً عن الجدل العقيم لان هذا الذي يتجادلون حوله امرمفروغ منه في رأيه ، فما دامت محبوبته لن ترضى بعودته دون غنيمة
فما عليهم والامر كذلك إلا أن يخوضوا
تلك الغارة و" الكريم خلاص " والله هو المنجي
الفخر عند الهمباتة :
الهمباتي فخور بشجاعته
وإقدامه ، صامد عند الشدائد والملمات حريص ألا يصدر عنه ما يكون وصمة عليه وعلى رفاقه وبناته
ومحبوبته وهو دائماً " يطرا
" يتذكر محبوبته في مثل هذه المواقف ، فخور بمصاحبة جمله ، معتز بمضاء سيفه وبندقيته .
يحكي لنا الطيب قصة تتبعه
لقطيع من الإبل بمنطقة وادي أبو سلم لا راع ولا رقيب لهن" صياب "يريد اقتناصها وطريقه
دائماً وعرة المسالك خطيرة " زلقيب " لا يمكن أن يلحق به الجبناء ولا الشجعان ولا
يجبن مهما واجه من تحدي :
بـــاري لي بكــــاراً بي اب
ســـلم صياب
مطلقــات همل بين الدليـــج والكــــاب
زلقيب دربي أنـــا المنـــو
الرجال بتهــاب
ينقطـع اللسان يافاطمــة ابوك إن عــــاب
وفي ابيات اخرى يتحدث عن
غزواتهم ويفخر بشجاعته وذيوع صيته في انحاء
البلاد كما يفخر بسباته عند اللقاء:
نــاس أب آمنة شدوهن مع الاوكـــات
عقدو الشـورة من تقلي وعقيدن
فـــات
ابوك ياالزينة الخجـّا المديريـــــات
ابوك ياالزينة عكــاز
التقيلـة إن جات
وفي الابيات التالية يفتخر بشجاعته واعتماده على بندقيته وحدها :
اتوجهنــا من دار دتـــي* والبقـــارة
وامسى يتاتــي* بالقلعـة ام
قرود لايسـارا
واحدين يا أم عــروض مثل التيـوس تتبارا
وواحدين فـازوا بالقصبـة*
البتوقد نـــارا
داردتي : غرب السودان ،
يتاتي : يسير محاولا الاسراع ، القصبة : البندقية
الليلــة أم هلال امسـت
سراتك تــــارا
واسيــادك جواميــس الردف* والــدارة*
إن حرت صنـاديداً تقابــل
الحــارة
وإن بردن نكافيبن سوالـف الســـارة
نكافيبن : أي نكافئ بهن
هم حين يتجشمون المصاعب يفعلون ذلك عن مقدرة وبسالة ، واقيم النوق عندهم الردوف أي التي يتبعها
ثَقبها" الثقب هو بلد الناقة "
والدارة " الحامل " التي اوشكت أن تضع حملها ، ومن اجل هذه النياق يخوضون المعارك الضارية ، فاذا ظفروا بها كان ذلك من نصيب محبوباتهم
حيث المتعة واللهو والانفاق
بسخاء ، اما إذا استرجعها اصحابها فلا يعني ذلك انهم ليسوا شجعان .
وعلى طريق ابوحمد حيث تمر
القوافل إلى مصر يترصدون القافلة التي تمر عابرة حتى إذا ما التقوا بأصحابها اخذوها عنوة واقتدار:
الولد البجـيب كمـــش النقـو* مُوهيــن
سايم دمـو في وقت الحديث
مـطيّن
غصبـاً عنو يـا الساحر نسـوقن بيّن
النقو : النوق ومفردها ناقة
فما أن يفوزوا بغنيمة من الإبل حتى يقتادونها إلى السوق بعيداً عن موطنها الاصلي ، بعيداً عن
انظار الانجليز " الحُكّام
" وهنالك يبادر تجار الجمال من عرب العليقات " اسم قبيلة " بالشراء ، اما غيرهم من الفقراء فوسيلتهم إلى
ارضاء محبوباتهم أن يذبحوا لهن الديكة :
واحدين في البيوت بي ديك
جداد رضوهن
واحديـن بالخلا والفيافي نفــوهن
بلد الانجليــز عقبنو
ماشـافـوهن
وقفن زومـة ياطـه العليقات جوهن
سخريتهم من العاطلين :
كثيراً ما يسخر الشاعر من
المتبطلين الراضين بحياة الذل والفقر،
مفاخراً اياهم برفاقه الشجعان واصفاً الهباتي بأنه " الولد " الذي يسري الليالي واضعاً ساقيه واحدة فوق الاخرى على ظهر
جمله " ابو قوائم
" ، وهو يحمل قربته " وعاء يوضع فيه الماء يصنع من
الجلد المدبوغ " ، كما يحمل ذلك النوع الفاتك من السلاح " أب كسرة " فشتان ما بينه وبين الخاملين
" ناس يمه " الذين لاهم لهم غير أن يطالبوا امهاتهم بالمزيد من الطعام :
ولداً بطبـق المسـرى فوق المســرى
يخلف ساقـو فـوق ضهـر
ابوقوائم ويسـرى
حقـب قربينـو فوق جربانــو خت ابكســرة
فرقــاً شتــى من ناس يمـه
زيدي الكســـرة
كما يسخر من المتأنقين الذين لا فخر لهم غير نظافة ملابسهم ولف عمائمهم ، وتسخر منهم
الفتاة الجميلة ذات "الشلوخ
العوارض" هيهات لمثل هؤلاء أن يكون شأنهم كشأن الصناديد من امثال الشاعر و الهمباتة الذين عادوا ظافرين إلى محبوباتهم اللائي ليس لهن
شغل غير احصاء الايام التي تغيبوا
فيها عنهن شغفاً وكلفاً بهم :
ناس قدّر الله بـي الحلة مكبريــن عمامـن
عدمــو الصيبة والزول
ابعـوارض لامن
اندرجو الصناديد والضـرير قدامـــن
نوو العـودة لي المسكيـن
عواد ايامــن
الصيبة : الصواب والعقل
ومقارنة اخري بين هؤلاء
واولئك يسوقها الطيب ليبين الفارق الكبير بينهم فبينما هؤلاء لا شغل لهم غير البطالة والسعي بالنميمة نجد اولئك
يقطعون المسافات في اسفارهم إلى غرب
السودان والمناطق النائية ، وهم لشجاعتهم وحسن بلائهم يبقون الساعات الطوال على ظهور الجمال ، ثم انهم لا يتهيبون قتل خصمهم إذا
أصر على تحديهم ::
واحديــن في البيـوت متل
الكلاب الشـــــول*
قاعدين لـــــي مشاركــة الحديث والقــول
وحديـن في الغــروب يا شمـة
تامين حــول
كسـر فــوق دبابيكـن يكتلــــو الزول
الشول : الوالدة
تجوالهم في انحاء البلاد :
الهمباتة لا يتقيدون بحدود
فكل الارض قاصيها ودانيها عندهم مورد مباح ، فمرة نجدهم في كثبان كردفان وتارة في جبال التاكا أو صحراء العتمور واخرى
في غابات الدندر أوعلى نجاد البطانة
ووديانها بحثاً عن الإبل اينما حلت سواء في الشرق والهوج " الغرب " وفي ذلك يقول الشاعر :
ابوك يــاالزينـة عكاهن* قبض
في روســـن
الهوج* والشـرق فوق
العواتــي* بكــوسن
سروجنــا الغلّبن صايح القماري حسوســـن
نوو العودة لــي الغالـي
ورفيع ملبوســــن
عكاهن : استشارهن ، الهوج : الغرب ، العواتي : القوية
ويحكي الكثير من هؤلاء الهمباتة مغامرات لهم بين مختلف القبائل ، فهم مرة يغزون قبائل الهدندوة
والبشاريين في شرق السودان ومرة يتجهون
إلى الدندر والرهد :
الدنــدر* كَرَب*ْ كيــف القُعاد والراحة
ابقِـي لَزُمــة يا بكيرة
البـدو السرّاحـة
ومرة اخرى في اقصى الغرب :
إتـوجّهنا من دار دتّـــي*
والبقــارة
وامسـى بتاتي* في القلْعة أم قُرود* لا يســارة
دار دتي : غرب السودان ،
يتاتي : يسير مسرعاً
يصف الشاعر تجوالهم في منطقة
غرب السودان " داردتي " ورحلاتهم فيها وكيف تسير ابلهم مسرعة لبلوغ تلك المناطق " القلعة أم قرود " .
ومرة ثالثة في منطقة الفونج :
شقّينـا البلد لي الدالـي
والمزمـوم*
واخيراً يطيب المقام عند الزبيدية " الرشايدة " في شرق السودان :
مايقســــن* دروب نــاس عايدة بت عوّاد*
يتمنى الشاعر أن تكون
رحلاتهم إلى شرق السودان حيث تقطن قبيلة الرشايدة خالية من الاخطار " مايقسن " ودرب هو الطريق وقد
اشتهرت تلك القبيلة بحيازة الإبل .
الخطر ، الدهم : المصائب
المرأة والناقة في شعره :
المرأة هي ثاني الموضوعات
التي يهتم بها الهمباتي بعد اهتمامه ببعيره ، فالجمل هو رفيق غزواته ومنجيه من المهالك ، وهو صبور يحتمل الظمأ كما يحتمل السير
في وقت الهاجرة ، كما انه كاتم سر
الهمباتي ، لذا نجده يشركه في احتفاله بالنصر كما يقاسمه الفخر ويعزو إليه أسباب النجاح .
اما المرأة فهي مصدر عزائه
وسلوته ، فهو يعلل النفس بلقياها إذا بعدت
به الشقة واغترب ، ويضع بين يديها جميع ما غنم من مال لذلك فالمرأة والجمل صنوان متلازمان في شعره .
ويحكي الشاعر في الابيات التالية أنه كان يسير في الظلام الدامس فوثب جمله عن الطريق في ذعر ، فأخذ
يتساءل هل هذا الذعر نتيجة سماعه
لخشخشة إبل مقيدة بالحديد أم أنه مجرد خوف من حلكة الظلام ؟ وهنا تطوف بمخيلته صورة
محبوبته ذات الشفاه الزرق ، فيقول أنها المتسببة في تعب " الغول " وبلواه والغول هو اسم بعيره ، فمن اجلها يغزو به حتى صارت
اقدامه مثل أيدي الرجل الذي يملأ القربة من
ماء الحفير في خفتها وسرعتها " واحدة تدوبي واحدة تكيل " :
الليلــــــة الغول بــــــــــــــدا*
لو جفيـــــــــــــــــل*
نقــــــــــرة قيد* والله
خوفــــــــــــاً من دمـــــــاس* الليل
الزول*
البراطمـــــــــــــو* محبّكــــــــــات بالنـــــــــــــيل*
خلّا* جـــــــــــــرايده*
واحدة تدوبـــــــــي واحدة تكيــــل*
بدالو : بدأله ، جفيل : جفلت
الدابة وثبت ، نقرة قيد : صوت صلصلة الاصفاد ، دماس : ظلام حالك ، الزول : الشخص ، براطمو : شفاههو ،
محبكات بالنيل : بخضوبات باللون
الازرق ، خلّا : جعل ، جرايده : ارجله ، تدوبي وتكيل : اشارة للسرعة .
ولا تبرح صورة محبوبته خياله
فنراه يتمثلها حتى في سير جمله وارقاله ، فعندما يرى جمله يخب به في ايقاع منتظم تخطر بذهنه صورة فتاة
جميلة اجادت فن الرقص على ايقاع "
الجابودي " او " الحمبي " " نوع من الرقص الشعبي " وهو
من فوره يأمر بعيره بالاسراع
نحوها متذكراً شعرها الكثيف الطويل وحديثها الهادئ الرزين " مو تقزي
" :
الدلاك عــلى الدجيــج*
والــدي*
تقــول فارســة حريمــاً باتعة في الحمبي*
اجبــد السير* علــي أم
شلّاخ* سمحـة الـــزي
سابل* ديســا* راســـي*
حديثـــا مو تقـــزي*
الدجيج والدي : السرعة ، الحمبي : رقص شعبي ، اجبد السير : اسرع
في السير ، أم شلّاخ : ذات الشلوخ ، سابل : منسدل ، راسي :
رزين ، مو تقزي : ليس هرجا .
اما الابيات التالية فتحكي قصة لقاء الطيب باحدي الفتيات واعجابه بها ، وقد كان يجلس معها في
لحظة طرب ومرح حينما ادركهما "
الفزع وهي المطاردة من قبل الشرطة او اصحاب الإبل المنهوبة " ولكنه لم يأبه لذلك ويطلب من الفتاة ان تستمر في ما كانت عليه من طرب ورقص
لثقته من أنه قادر على هزيمتهم إذا
حاولوا الإعتداء عليه :
ما يهمك فزع ناساً كتــــار منهنــــــدة *
زوزي ونسّفي اللاعند*
الفنايد* نّـــــــدا
يعجبـــــك عوسنـــا* وكتين
الضـراع يتمـدّا
عودي الرقصــة عقبــان السمـــا الينقــــدّا
منهندة : متجمعة ،اللاعند :
الذي يصل حتى ، الفنايد : العجُز
، عوسنا : فعلنا، الضراع : الزند ، السما : السماء
وفي الابيات التالية يخاطب
جمله الذي لا هم له غير انتقاء الافرع الباسقة الخضراء ، اما هم فلا يرتاحون ولا يريحون اصحاب الإبل ، وقد زادهم
عناء إلى عنائهم شوقهم إلى محبوباتهم
، ويذكر محبوبته ذات العنق الطويل " الباهي " والقوام المعتدل الخالي من تعقيدات السمنة المفرطة :
بالك فاضـي في روبة* الفـــــــروع بتنقـــــد
ونحــن نهاتــــي* لا
بنرقــد ولا بنرقـــّد
الخلانــــي دون النـــاس
بقيت متسقّـــد*
فُرق العنقـــو باهــي ودوفــــــو مو تعقــــّد
الروبة : القِمة ، نهاتي :
نتكالب ، متسقّد : مساهر: مُسهّد ، العنقو :
عنقه ، دوفو : قوامه .
وفي احدى رحلاته العديدة يتذكر محبوبته " سلمانة " التي طالما تغنى بها وهام بها وقد كانت
تهب عليه نسمات " الدعاش " او الزيفة وهو هواء فصل الخريف ،
فيقول أن " سلمانة " التي فاقت جميع أترابها انوثة وجمال شديدة الثقة بفتنتها ومدى تأثيرها عارفة لقدرها عنده :
وين سلمــانة وين
ديفــــــــــة المعيز الجبـر
والزيف هبــا ياعاشــــق أم خدود اتصَبّـــر
الكـــال مدو زائد
فــــــــــوق ندادتو وشَبّـــــر
الفــوت هيلــــو عارف عزه
ما بتنبّـــر
ظروفهم في الحبس :
لقد كان من الطبيعي أن يقع
رجال هذا حالهم في قبضة الحكومة وأن يسجن بعضهم ، فلابد أن يخطئ احدهم التقدير فيترك اثراً يدل عليه فيأخذ إلى السجن
جزاء ما اقترف .
جلس الشاعر مرة في الزنزانة
يترنم بالدوبيت فقال :
اللــــــيلة السجــن جاب
انكتامــــــة وحــرا
نمّـــن جرارقو* حدث لــي الجنين* الــــبرا
سحــــار الغــــروب راجينا
كاضم الجـــــرة
بلحـــق بيك مــــراح حسب
الله وين ما خـــــرا
لمّن : الى أن ، جرارقو : معاوده ، الجنين : الرجال
يقول الشاعر أنه لم يكن
ليأبه بالسجن مهما لاقى فيه من
معاملة غير كريمة وما يكلف به من أعمال شاقة لكسر شوكته وإذلاله ، وكان يقابل ذلك بسخرية وجلد وهو واثق من أن الايام لاتلبث أن
تنقضي فيخرج بعدها اشد بأساً واعظم سطوة
ليتابع مع رفاقه غزواتهم التي لا يثنيهم عنها غير الموت، وهو يتوعد ذلك الرجل الغني صاحب الإبل بأنه بمجرد خروجه سينهض ليلحق
بى ذلك المراح الكبير " مراح
حسب الله " والمراح هو المجموعة من الإبل .
اما في الابيات التالية فيسخر من إجراءات السجن والمحاكمة التي يتعرض لها ، كما
يصف الزنزانة ورقاده على
"النمرة "، و يفخر بذيوع صيتهم وشهرتهم التي طبّقت الآفاق :
رقــادي النمـــرة والباب
العلــي مقفــــول
واخـــذوا البصمــة ومقاييس العــــرض والطول
دي النادرة العـلوانة
لااستنبــول*
خرب ايدينـــا يا شمــــة وجرايد الغـــول*
استنبول : مدينة بتركيا ،
الغول : اسم بعيره
وحينما يطول به امد الحبس
وتضيق به الحال يعلن توكله على الله واذعانه لامره :
زنزانــة الرمــــاد قاطعــة
البصيــــص والضوء
وفيهــا مسجنيـــــــن
ناســـاً اسوداً حــو*
ارجــا البـــــــاري شــــن مايريــد عليك يسو
وإن وقــــع القــــدر
تلقانـــا يابسيـــن كـــو*
حو : خالط سوادهم حمرة ، كو
: إشارة لصلابتهم .
أحيانا يلجأ للسخرية من
حياته داخل السجن ومن الأعمال التي يكلف بها :
رقــــادي بــــلاط وسيـــخ
متعــــارض
وقـــــافلنو علــــي من النسيــــم البــــارد
يا عــايد البلـــد قول لام
وريـدا*ً شــــــارد
كـــــل ما يشق حَمـــار*
شايل جرادلي ووارد
ام وريداً شارد : البضة ، حَمار : الشفق ، شايل : حامل ، وارد : الورود هو جلب الماء
من النهر او نحوه .
وإذا ما أخذ صديقه يتذمر ويشكو
حاله في السجن يوبخه ويطالبه بأن يتحلى بالصبر ولا يضعف ، وعليه أن يتذكر محبوبته لانها تنتظر عودته :
يومـاً في السجن يومــاً
رقاد متحـــدر
ويومــــاً بالصفـــائح للبحــــر بنبـــدر
القيـــد والحبـــــس قط
للقـــــــلب ما بـــــــــــــــودر
اطــــــرا اللينــة يا
طــــه العزيـــز لا تودر
بنبدر : مبكرين ، بودّر :
يُنسي ، اطرا : اتذكر
والهمباتي حريص على عرضه وعرض جاراته عفيف بعيد عن الدنايا ولا " يعقب يحل الصرة "
أي انه لا يسرق المال زد على ذلك أنه كريم لا يخفي زاده أو ماله عمن يسأله وفي هذه
المعاني يقول الطيب ود ضحوية :
ما بتبـــن* الجــارات
اخــون الحُـــرة
مانــي دغــور* بيوت بعقب
احل الصـــــرة
ساوي ضــراعي للفـــــارس العنود* ومشــــرا*
بازل مـــالي لي القاصــدني
قـــاعد بـــــرا
مابتبن : لااتجسس ، دغور :
ولوف ، العنود : العنيد ، مشرا : الشرير
ويقول ايضاً :
مابتـــبن الجــــارات
اخونــــــــا وليتـــي*
مانـــــي دغــــور بيــــوت
الناس بتكره جيتــــي
ساوي ضراعــــي للفارس البقـــول ضميتــــي
بازل مالـــي للاخوان
بعرفـــو حنيتـــي
وليتي : جمعها ولايا ويقصد
بها المرأة أو الزوجة
ومن تقاليدهم في الاغارة والغزو الا يعتدوا على القبائل التي تربطهم بها علاقات
حسنة ، كما لا يجوز لاحدهم أن يقتنص
" الهاملة " من الإبل التي ضلت عن قطيعها فليس في هذا الفعل أي بسالة أو مجهود وهو يعد عندهم سرقة صريحة وعلى الهمباتي أن يأخذ
المحصنة المحمية من الإبل ، وجاء في
هذه المعاني :
الزول البــدور مـــن البــــــوادي ضريبــــة
يبقــى موارك الغربــــــــة
ويبعد الريبـــة
مـــــايتدنى لي الهاملـة
البشوفــــا غريبــة
الا السيــدا في الدنــــدر مسيـــلا زريبـة
كما أن الهمباتي سريع
الاستجابة للتحديات يخف إلى نجدة
المستغيث ونسوق هذه القصة التي تبرز تلك المعاني بجلاء :
قتل احد افراد قبيلة
الخواوير " الكرار " اخ "الطيب" غدراً وخيانة ولم يعلم احد بالحادث ، ولكن " بت ريا " احدي نساء الخواوير راحت تفخر
بالقاتل وتتغنى وتهجو الطيب وتعيّره بعدم اخذ ثأر اخيه قائلة :
الجنيـــات جميــع
مفقودكــــم الكـرار
ضُــــلعو يطقطقـــــن تحت
الهشيم والنــار
وينــــو الطيب القلتــــو بجيب التـــار
يسلــــم لـــــي علـــــــى
العدمكم الدوار
وتبلغ الابيات مسامع الطيب
فيعرف أن قاتل اخيه هو هذا المدعو "على" ويستشيط غضباً ويهيئ نفسه للاخذ بثأر اخيه ويرد على استفزاز المغنية
بالابيات التالية حيث يعلن فيها عن
استعداده للاخذ بالثأر مضاعفا :
أكل الخلفـــــة وعقـّب علــــى البكريــــة
وشمــــخ الحوري لــــي بعصت
عـريب بت ريا
كان مـــــا وجّب الباكيــات
وخلف الكيـــة
قولت ابو فاطنـــــة يا الصادق خســارة علي
ولعل خير مثال لتعاطفهم
وتراحمهم في مابينهم مايحكى عن أن احدهم قد مات وترك زوجته واطفاله وليس لهم عائل ، فزارهم الطيب في
يوم من الايام فوجد حال المنزل
بائسة وسروج الجمال مبعثرة والمنزل مهمل وقد تضعضعت اركانه وانحلت اطنابه فتألم وبكى لهذه الحال و انشد :
الــــولد البرضــــــــي النيــــه مو نوام
حقب قربينـــه فوق ضهــــر
المسري* وقام
اندمــــرن سروجــــو وكملـن
الايام
وتشلـــــع ستـــــار القبلــة من قِدّام
المسري : سنامه عال
صفاتهم النفسية والجسدية :
يتميز الهمباتة بصفات نفسية
وجسدية ، ففي الناحية النفسية نجد انهم جميعاً يستهينون بالحياة في سبيل تحقيق اهدافهم ، والموت عندهم امر لا مفر منه ،
ومن شعرهم في هذه المعاني :
الولـــــد البِدور
فـــــــُوق القبيلــــة يشَكـر
بخلــف ساقـــــو فوق بلد
العدو ؤيتْـــــــوكّر*
أمّن جــاب رُضْوَة* البَهَم* اللهيّجـــو* مسَكّر*
وآمـــا اب صلعة* فُوق
ضلّاعو تيتل* ؤكَرْكَرْ*
الوكرة : المكان الموحش ،
رضوة : رضى ، البهم : يعني بها الصيدة الصغيرة ، اللهيجو : اللهيج تصغير لهجة ويعني الحديث ، مسكر : حلوٌ عذب ،
أب صلعة : كناية عن الصقر ، تيتل : مشى في كبرياء ، كركر :
احدث صوت .
ومنه :
الولــــــد البدور في
قفاهــو* ما يتشَنــّف*
اللحجـــــم* قُجة* اللشَق* الطويل ومقنّـــفْ*
أما يجيب رُضــــى السمتانة*
ما بتخنّـــــــف*
ولا أم رُبـــــة لا حولين*
تَكوفتُوْ* مَصَنّـــف ْ*
القفاء : مؤخرة العنق ، شنف
: اعاب ، يحجم : من حجم يعني يربطه عن مؤخرة الرأس ، قجة الإبل ذروة سنامها اللشق : من لشق طافة الجمل أي رفع الخشبة
التي يوضع عليها السرج فوق سنام البعير
لتستقر ، قنف وأقنف : مرفوع الرأس ، السمتانة : المرأة الطيبة السوية ، حنف : لام ووبخ ، حولين : عامين ، كوفت الشعر : ضفره ضفراً
غير متقن .
فهذا هو المبدأ ، نيل شكر
القبيلة وثنائها ورضاء المرأة أو الموت ، فليس هنالك مجال للحلول الوسط في حياتهم .
ومن مظاهر قوتهم النفسية عزوفهم عن الاعمال التي يرون فيها صعفاً وهواناً ، وقد عبروا عن هذا في
شعرهم ، واكثر الاعمال التي تعرضوا
لها بالتحقير والإستهجان الزراعة ، ذلك لانها البديل المباشر لحياة الرعي سيما منهم من عمل بها :
يقول الطيب ود ضحوية :
الليلـــــــــة التِّغمِّد*
ياحســــن* مفقــــــود
كِتـــــر قلِّيبي فوق لوُزْ التّبس* والعـــــــــُود*
كان مـــــــــي قسمة* يا الدِّقة الوضيبه* يقود
ما خَسّنـــــا* بي زراعة
وِديْ مسعـــــــــــود*
التغمد : النوم ، حسن : رفيق
الشاعر ، التبس : القطعة من الزرع ذي الساق حين يقطع ويجفف ، العود : الغصن
ويقول ايضاً :
كم عتمــــــــــرتبن* فوق قُجـــــــــــة العَبّادي*
وكم غَوّصْتلـــــــن* من الدنـــــــــــادر وغادي*
كان مي قسمـــــــة يا
الدِّيقة أم قريناً نــــــــاديْ*
ما خسّانــــــــــا بي
زراعــــة الفَشَقْ* والوادي
عتمر : ضرب في الصحراء ،
العبادي : الجمل ، غوص من غاص في الماء ويقصد البُعد ، غادي : بعيد ، قرين : تصغير قرن وهو الشعر ونادي من الندى ،
الفشق : لعلها من الفاشوق وهو جزء من الساقية .
ويقول احد همباتة قبيلة
الحمر :
من جِرنبــــــــــــــان*
قُمنــا جماعــــة
عقدنـــا الشورة صدر القُوز قُصــــــاد القاعة*
البَكرة العليهــا الطَقّة والطُبّاعــــــة*
أنا بعيش فيهـــا سيبك* من
هموم وزراعــــــة
جرنبان : بلدة في منطقة
الحمر بكردفان ، القاعة : مكان بعينه ، الطقة والطباعة : وسم لقبيلة معينة فلكل قبيلة وسم معين تضعه على حيواناتها
من إبل واغنام وغيرها . سيبك : دعك .
ولم يقف الأمر على حرفة الزراعة
وحدها ، بل حظيت اعمال اخرى بهذا النوع
من التحقير . يقول الطيب ود ضحوية :
أنا ماني* التنبل* أل في البيت صنعتي حليب*
بدور الشــــــــَّدة فوق
إبلاً شوافـــــي* ؤنيب*
إن حضـــرّن نخُت
الشكـــــــرة ما بنعيب
وإن بردن نكافيبـــن* سوالف* أم طيـــب*
ماني : لست ، التنبل :
القصير القامة البليد الكسول ، الحليب : من حلب الشاة إذا اخرج ما في ضرعها من لبن ، الشوافي :
قويات ، نيب : جمع ناب وهي الناقة
المسنة ، كافى : جازى ، سوالف : جمع
المرأة المتعطرة .
مواجهاتهم مع رجال الحكومة :
لعل اكثر ما كان يغض مضاجع
الهمباتة هو ملاحقة رجال الحكومة من
الهجانة الذين لا يفتئون يتعقبونهم ويتربصون بهم الدوائر حتى إذا ما التقوا دارت بينهم معارك حامية كانت الغلبة فيها للاصدق عزما
الحريص على النصر ، وكانت الغلبة دوماً
للهمباتة . وتستمر المطاردة والملاحقة من قبل " الشرطة " حتى رسخت كراهية الهمباتة لهؤلاء الرجال فاسموهم " كلاب الحر "
سخرية منهم لانهم لا يصمدون عند لقائهم ، فهم
حالما يشعرون بالخطر يقفلون راجعين متعللين بشتى الأعذار ، فهم لذلك اشبه لديهم بالكلاب التي لا تستطيع أن تعدو خلف فريستها
في النهار الغائظ ، فسرعان
مايدركها العطش فتتفيأ اقرب ظل وتظل تلهث حتى تنجو الفريسة :
الليــــل امســـــى كلب
الحــر بجض* بارينـــا
عقبـــــــان* السمـائم عكـــــرن صافينــا
نَتِلّ القـــــود* على
الزول الخليقتـــــــه حسينــــا
ياليـــل غادي في بلــــد أم
فلـــــج ما جينـــا
بجض : يدأب ، عقبان : ثم أن ، نتل القود : نحمس الجمال
وهم في مواجهتهم لرجال الشرطة من ناحية وزعماء العشائر من نظار وعمد من ناحية اخرى يقفون في صمود
غير مبالين بهؤلاء وأولئك ، بل
تذهب بهم الجرأة والتحدي إلى الاغارة على إبل النظار والعمد انفسهم :
حكـم القبطــي* والعمد
العلينـــا غـــــــــوادر
مــابنتــــــوب بلا حكــم
الإله القــــــادر
ناقـــة العمــــدة ود كرار
بــراه* النــــاظر
الحــــي مننـــــا
يكـــربت* قرانــــن* سـادر
القبطي : الانجليزي ، براه : ذاته ، يكربت : يسرع بهن ، قرانن ، الإبل المربوطة إلى بعضها البعض .
وحين تصل بهم الجرأة مداها
يتحدون المدير الانجليزي فيقول له الطيب ود ضحوية اني انا القائد :
ابـــــوك ياالزينــة بي درب
الدراهم هافـي*
أنا يا المستر ابو فاطنة
العقيد* الشافي
مســـك القايــدة تمســاح الدناقلــة مقافـــي*
نـــوو العودة لــي زولاً
حنيـن مو جافـي .
هافي : جشع ، العقيد :
القائد ، مقافي : مولي
قيمهم وتقاليدهم :
على أن لهؤلاء الرجال مهما
اشتطوا في تمردهم على القانون والعرف والتقاليد السائدة ، لهم ايضاً قيم وخلائق حميدة ، فهم يرعون حق الجوار ويتعففون عن
الخوض في الاعراض ويهبون لنجدة
المستغيث ، وحتى في ممارستهم للنهب يتقيدون بتقاليد لا يجوز خرقها أو تجاوزها ، وهم رحماء بينهم ،يشفقون إذا اصاب احدهم مكروه كل ذلك
مسجل في اشعارهم ، يقول الطيب ود
ضحوية :
نـــاس قدر الله قاعــدين في
الفريق ما بخترو*
من كبــــى وكشف حــال
الحريــم مــابفترو
أنـــا البختـر براي اسد الرضيمــة* بنترو
صاحبــي إن ضلا ما بفشــاه
ديمه بســترو
ما بخترو : لا يغتربون ،
الرضيمة : الغابة الوعرة
يقول الشاعر : التبطل والبقاء في المنازل دون عمل وتتبع اخبار النساء والاطلاع
على احوالهن ليس ديدنهم ، فقد
اتخذوا لانفسهم سبلاً اخرى وهي سلوك الطرق الوعرة المحفوفة بالمخاطر ، إن احدهم ليسافر منفرداً إذا دعت الحال ولا يغير
طريقته مخافة الاسد الرابض في "
الرضيمة " بل ينازله ويقضي عليه ، كما انه حافظ لاسرار اصدقائه غافر لزلاتهم ، وقد يدفعه وفاءه هذا أن يتجشم المصاعب ويعرّض حياته للهلاك
وما ذلك الا التزماً بمبدأ الهمباتي
الذي لا يعرف الغدر والخيانة لاصحابه :
الخبـــر البجيـــــك الصديق
مقفـل جوة
حالـــف ما افوتو حتـــى إن وقــع فـــي هوة
عنــــــد حالــة الدرك*
مابنسـى شرط الخـــوة
كبّــــاس للدهم* فوق البــــقول
يا مــروةومن شعراء الهمباته الطيب ود ضحوية
_________
اسمه الطيب عبد القادر
سليمان ود ضحوية " وضحوية جدته
لابيه " ينتمي إلى قبيلة الجعليين ولد بقرية الضيقة بجبل أم علي وهو مسندابي عاليابي والعالياب هم فرع من فروع قبيلة الجعليين .
الهمبتة في حياة الشاعر:
لما بلغ الشاعر العشرين من
عمره اجتذبته حياة الهمبتة لما
كان يشاع عنها من أساطير وقصص وبطولات تحكى في المجالس مقرونة بإشعارهم الحماسية وأخبارهم مع محبوباتهم ، استرعت هذه الحياة
انتباه الشاعر فانضم إلى جماعة القديات
والهواوير من البدوالهمباتة ، ليس بدافع الفقر وانما طلباً للبطولة والمتعة . صحب الطيب ود ضحوية في غاراته اعتى رجال الهمباتة كطه
الضرير ورحمة التركاوي واحمد عمران
وود فكاك وصار زعيماً للهمباتة لتفوقه عليهم في هذا الميدان .
حياة الهمباتة من خلال شعره :
يعتبر شعر الطيب ود ضحوية مرآة لحياة رفاقه من الهمباتة لانه وليد تجربه وليس وليد الخيال وحده وفي
ما يلي بعض الصور التي سجلها عن
حياته ورفاقه :
الليـــل امسى والنعسان*
جرايــده يرحن*
كبـــس الهم علي الســــط*
قلوبن وحن
كضـــم* الجرة سحــّار
الغروب اتمحن*
نعـــود سلمانه ياعمـر
الظنون إن صحن
النعسان : يعني الجمل ، يرحن : يتألمن ، السلط : الشجعان ، كضم : كظم ، اتمحن :
احتار
في هذه الابيات يصور لنا الشاعر صورة الهمباتي الذي يستتر بالليل ويخب المسير على جمله
الذي أصابه النعاس أنهكه السير حتى صارت
اقدامه تؤلمه " جرايده يرحن " وكيف أن رفاقه الهمباتة
ونواصل
منقول